سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الأحمد

 

 

كتب عبدالله سالم: اعتبر سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الأحمد أن «لا فرق بين سني وشيعي في الكويت، فكلنا كويتيون،»، معربا عن سعادته بـ «جمع الوقف السني والوقف الشيعي في بوتقه واحدة».
وقال الشيخ صباح في تصريح ادلى به للصحافيين صباح أمس بعد رعايته الملتقى الاول للوقف الجعفري الذي افتتح في قاعة سلوى في فندق المارينا أن «ليس لدينا وقف سني وآخر شيعي، فكلها اوقاف، والحمد لله ان حصل هذا الامر وتم جمع الوقف السني والوقف الشيعي مع بعض في بوتقة واحدة، وهذا ما نصبو اليه، فلا فرق بين سني وشيعي في الكويت وكلنا كويتيون».

 


 

وزير الطاقة الشيخ أحمد الفهدمن جانبه، تمنى وزير الطاقة الشيخ أحمد الفهد ان «يساهم الوقف الشيعي في تطوير الخطة التنموية للبلاد وفي المساعدة في المجالات الاجتماعية والصحية والتعليمية».
وقال الفهد في تصريح للصحافيين بعد مشاركته في افتتاح الملتقى الاول للوقف الجعفري الذي حضره ايضا النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ نواف الاحمد الصباح ووزير شؤون الديوان الاميري الشيخ ناصر المحمد ونائب رئيس الوزراء وزير الدفاع الشيخ جابر المبارك وعدد من الوزراء والشيوخ ورجال الدين من داخل الكويت وخارجها، ان «تأسيس الوقف الجعفري قضية كانت تراود المذهب الشيعي بان يكون لهم وقف ينظم اوقافهم، ومن خلال الدعم المباشر من سمو رئيس الوزراء خلال السنتين الماضيتين، واليوم نحن سعداء بحضور باكورة هذا العمل والتحاور الفكري والنقاش للوصول الى الإدارة المختصة في الامانة العامة للاوقاف، ونتمنى لها النجاح وان تنطلق لتحتوي الكويتيين الشيعة».
وذكر الفهد أن «وجود وقف جعفري الى جانب الوقف في الامانة العامة للاوقاف سوف يساهم مع الوقف بشكل عام في تنمية الخطة التنموية، ولعل وعسى ان يساهم في خلق مزيد من الوحدة الوطنية المعروفة في الكويت، التي تعرف بنسيجها الاجتماعي، ونتمنى ان تبقى الكويت كما عهدناها وحدة وطنية واحدة تستوعب الجميع بكل آرائهم ومذاهبهم وافكارهم وبان يكون الوطن هو الوعاء الذي يحتوي الكل».

وزير الاوقاف والشؤون الاسلامية الدكتور عبدالله المعتوق

من جانبه، اوضح وزير الاوقاف والشؤون الاسلامية الدكتور عبدالله المعتوق ان «من نعم الله علينا كمسلمين ان جاءت شريعتنا الغراء بقواعد انسانية «سامية» وعادلة، نظمت علاقات الافراد والجماعات في سبيل تحقيق مصالحهم المشتركة، وبما يضمن تعاونهم من اجل رقيهم وتقدمهم وتعايشهم في ظل الامن والاستقرار والسلام».
واضاف المعتوق «ولعل من أهم تلك القواعد ما جاء في تكريس مبدأي الوسطية والاعتدال كمنهج حياة للامة، وسبيل للعيش القويم، وحماية المجتمع من دعاوى التفرقة والعصبية، اهتداء بقوله تعالى «وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا,,,» صدق الله العظيم.
وقال المعتوق «ونحن في رحاب الوقف وموضوعه، نقلب سويا وفي عجالة بعض صفحات الماضي المجيد لامتنا الاسلامية، ونستحضر بكل الفخر والاعتزاز ما كان من تاريخ الوقف إبان عصور النهضة، فقد شهدت الاوقاف في تلك الحقبة من التاريخ نموا وتنوعا واتساعا عظيما، وتعددت صور واغراض الاوقاف، وكثرت خيراته، وفاءت على الضعفاء والمحتاجين من ابناء الامة خيرا، وحماية، ورعاية لم يشهدها تاريخ سابق، وشاركت الاوقاف بنصيب وافر في بناء نهضة الامة الاسلامية في مختلف المجالات، وتمضي قرون وقرون، وبفعل جملة من الظروف والاوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المتشابكة التي مرت بها دولة الاسلام، يتخلف الركب الحضاري للامة، ويتراجع دور الوقف، ويخبو بريقه، وتتضاءل اسهاماته الى الحد الذي لا يتناسب مع تاريخ الوقف وتراثه العريق».
وذكر المعتوق «وما اشبه الليلة بالبارحة، فقد شاءت إرادة الله ان تنطلق من دولة الكويت في عصرنا الحديث مسيرة المشروع الحضاري الاسلامي المعاصر الداعي الى النهوض بالوقف، وإحياء سنته الشريفة، وإعادة الدور التنموي الرائد له، وتفعيل مشاركته في دعم جهود التنمية بالبلاد في مختلف المجالات، وشاهدنا جميعا كيف تتحول الاحلام الى حقائق، وتتجسد الرؤى في واقع ملموس ينبض بالحياة، وتثمر الجهود التي بدأت بالامر السامي عام 1951 بتطبيق احكام شرعية خاصة بالاوقاف انتهاء بصدور المرسوم الاميري رقم 257 لسنة 1993 بانشاء الامانة العامة للاوقاف، ومن ثم صدور القرار الوزاري رقم 6 لسنة 2004 باستحداث ادارة الاوقاف الجعفرية في الامانة العامة للاوقاف استجابة لقرار مجلس الوزراء رقم 874 بجلسته المنعقدة بتاريخ 25/8/2002».
وتابع المعتوق «حين اطالع النجاحات التي حققتها تجربة النهوض بالوقف في دولة الكويت، وحضورها المجتمعي والاقليمي والدولي، وما قوبلت به من استحسان وقبول واسع النطاق داخل الكويت وخارجها، فانني لا اتفق كثيرا مع مقولة «ان التاريخ يعيد نفسه» بل اقول «ان سواعد وعقول ابناء الكويت البررة هي التي تعيد التاريخ»، وهي التي صاغت للامة مفردات مشروع النهوض بالوقف وإحياء سنته الشريفة وفق مقتضيات العصر الراهن واحتياجات المجتمع وتطلعاته».
واعتبر المعتوق ان «الملتقى الاول للوقف الجعفري الذي ينعقد على هذا المستوى الرفيع من الرعاية والمشاركة والتمثيل، هو إحدى ثمرات جهود الكويت الرائدة، والتي ضربت مثالا يحتذى في تحقيق النقلة النوعية في ادارة شؤون الاوقاف، فقليل هي تلك الامم التي تفرد اياما من حياتها لترعى حدثا او مناسبة، ومتى قدر لامة ان تحيا مثل هذه المناسبات، فان في ذلك خير تأكيد على أصالة حضارتها، ونقاء معدن شعبها، وتناغم وتجانس اطياف مجتمعها، والتقائهم على الخير والبركة والسعي الدؤوب في صلاح أحوال البلاد والعباد».
وخاطب المعتوق العلماء قائلا ان «امتكم تنتظر الكثير منكم لقيادة نهضتها في شتى مجالات الحياة، وإن من أهم ما تنتظره منكم في هذه الفترة المهمة في حياة الامة ان تتولوا دفة التوجيه بكل حكمة وموضوعية كما كان دأب سلفنا الصالح، وأنتم اهل لذلك ممتثلين قوله تعالى «ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين».

 

رئيس البرلمان الشيعي الهولندي محمد سعيد الطريحي

من جانبه، أكد رئيس البرلمان الشيعي الهولندي محمد سعيد الطريحي ان «كل من درس تاريخ الحضارة وعرف تاريخ أمتنا الموصول يتنسم في الكويت الأبية عبق التاريخ وأصالة الماضي مثلما يرى فيها معالم التقدم والازدهار وملامح التطور والنهضة، بحيث اصبحت في فترة وجيزة مضربا للمثل ومأوى أفئدة القصاد بفضل قيادتها الحكيمة المستنيرة ووعي ألمعية شعبها المعطاء إذ سار معا نحو مستقبل قائم على التخطيط الواعي والبصيرة النافذة والعمل الدؤوب يوفر سبيل العيش الكريم ويشيع الاستقرار والأمان مهما تتعرض له المنطقة من متغيرات واحتمالات».
وأضاف الطريحي ان «الله تعالى قال (وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا) وقال سبحانه (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان) وتحت هذا الشعار الرباني العظيم وسواه من الآيات البينات قام الوقف الاسلامي في أرجاء الدنيا كافة بنشر وتعميق ثقافة الاسلام الوسطية التي رائدها العدل والتسامح الاسلامي دون تفريق في ذلك بين المعتقدات والاختلافات الطائفية والمذهبية، وها هي البلدان الإسلامية المتنوعة بمذاهبا تجمعها كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة إذ ان الفقهاء أبناء عصرهم وابناء ثقافتهم، وعصورهم تتغير وثقافتهم تتفاوت وفتاواهم تتباين حتى بين اتباع المذهب الواحد، هل بين سني وشيعي سواه، وهم يشيح بمسلم عن مسلم، تضفوا المذاهب بالشروح وتلتقي، بخلافها حول الكتاب المحكم، وعلى هذا الاساس المحكم انشئت ادارة الأوقاف الجعفرية في الكويت لتنسيق الأمور الوقفية لاتباع آل البيت عليهم السلام وهذا ما نعتبره فتحا كبيرا ومؤشرا على عدم التمييز بين المتلقين للخدمات الاجتماعية والخيرية المختلفة من قبل وزارة الاوقاف والشؤون الإسلامية لعموم الجماهير المستفيدين منها في المجتمع الكويتي».
وتابع الطريحي «لقد تابعنا باهتمام الارهاصات الاولى لنشوء ادارة الوقف الجعفري الكويتي وسرناما كان يجري من نقاش وتحاور بناء في الصحافة والاعلام الكويتي الحر حول هذا الموضوع، وكان أمراً صحياً أغنى هذا المشروع الكبير حتى خرج الى عالم الوجود وهو اليوم في أولى ثمراته اليانعة وهو بحاجة الى جهود كبيرة اخرى ليكون في مساره الحقيقي حتى يقف على أرض صلبة متينة وقوية لتساهم هذه الإدارة بهمة مديرها واعضائها ولجنتها الشرعية في تنمية المجتمع وتلبية احتياجاته مع ما يتفق وفقه آل البيت عليهم السلام ومقاصد الواقفين وحتى تقوم الإدارة بدورها المنتظر من أجل حفظ ورعاية وتنمية الاوقاف الجعفرية وان يشمل عملها في الآتي من الأيام لدراسة مستقبل المحكمة الجعفرية والأموال الخيرية والمعاهد الدينية الجعفرية، كما ان المشاريع الوقفية التي تنتظرهم لا تنحصر بالمساجد والحسينيات إذ لا بد من التخطيط للعمل الوقفي التنموي فيما يخص المجالات الصحية والاجتماعية والتعليمية وهذا يتحقق بدقة مع تطور هذه الإدارة الى أمانة خاصة تحت راية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية».
وأوضح الطريحي «أننا نتطلع ونتشوق لمستقبل أهلينا من شيعة الكويت بالعزة والسؤدد تحت رعاية صاحب السمو أمير الكويت وكيف لا يكون ذلك وهم الابناء الابرار لهذا الوطن وهم من اللبنات الأولى الذين شيدوا صرح الكويت وهم من دافعوا عنها في معارك التحرير في الجهراء قديماً وفي المقاومة المدنية والعسكرية ضد الغزو الصدامي الغاشم حديثا وهم من ساهموا في بناء الكويت وهم من قدموا الشهداء والأسرى الاطهار، وللحق نقول اننا نرمق التجربة الكويتية مع أهلينا وبني عمومتنا من اتباع ال البيت سلام الله عليهم ونحن في خارج الكويت في المهاجر الاوروبية والاميركية أو البلدان الإسلامية، نرمقها بمودة وتقدير ذلك ان الكويت لم يجر فيها علينا كما هو في اغلب الدول من التمييز الاجتماعي فلا وجود للتمييز في الحرية المذهبية والمتمثلة في المحاكم الخاصة للسائرة وفق مذهب آل البيت وحقوق العبادة والطقوس ونشر المطبوعات الخاصة وبناء الحسينيات مكفولة وتقلد المناصب الوزارية والديبلوماسية والعسكرية الرفيعة وتحويل أموال الخمس الى المراجع و التمثيل في المجالس النيابية والبلدية محفوظ، والنشاط الاقتصادي بأوسع آفاقه بحكم القانون مصان، كل هذا يجعلنا نعتبر الكويت البلد المثالي لحماية أصحاب العقائد المختلفة ضمن تركيبته السكانية المتنوعة».


وذكر الطريحي «وسمعت كما سمع الملايين كيف ان منارة مسجد الصحاف قد ارتفعت بنداء الولاية منذ العام 1943 بمباركة من الشيخ احمد الجابر رحمه الله كما هزتنا اريحية الشيخ طلال فهد الاحمد منذ مدة قليلة كيف انه أبى إلا ان يودع بنفسه جثمان الامام المرجع حسن الحائري قدس سره الى مثواه الاخير في ايران وهذا من حسنات الاعمال ودلائل الخير والحب، ونذكر مساهمة حكومة الكويت في بناء النجف الاشرف وسواها من الاعمال الخيرة لبناء العراق الجديد».

 

 سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الأحمد  يرعى الملتقى الأول للوقف الجعفري بالكويت

الدكتور الطريحي يلقي كلمته

جانب من الحضور

جانب من الحضور

المنسق العام للملتقى الأول للوقف الجعفري المهندس جاسم محمد قبازرد

من جهته، أفاد المنسق العام للملتقى الأول للوقف الجعفري المهندس جاسم محمد قبازرد ان «الحياة التعددية والديموقراطية الكويتية المتميزة والمتأصلة في نفوس وطريقة حياة شعبها من قبل وبعد صدور دستورها كانت وما زالت تؤتي ثمارها بالخير والبركة على المواطنين والمقيمين عل أرضها الطيبة بعون الله».
وقال قبازرد «كان لتفاعل جمع من ابناء الكويت المخلصين مع قضاياهم الوطنية وتعاطف السلطة السياسية العليا للبلاد مع رغباتهم المشروعة، الاثر الايجابي لصدور القرار الوزاري باستحداث ادارة تعنى بشؤون الاوقاف الجعفرية، حيث تم ذلك ضمن خيمة التشاور الشعبي البناء مع صناع القرار في تمسك الجميع بممارسة حق دستوري تحميه الدولة وترعاه من منطلق حرية الاعتقاد وحرية القيام بالشعائر الدينية، لذلك اتت ادارة الوقف الجعفري ضمن منظومة الإمامة العامة للأوقاف لتهتم بحفظ ورعاية وتنمية الاوقاف الجعفرية لتكون لبنة اخرى نحو التكامل والتكافل والتسامح الديني والترابط الوطني بين شرائح الشعب الكويتي».
وشرح قبازرد ان «اللجنتين الاستشارية والشرعية لإدارة الوقف الجعفري باشرتا اعمالهما للتحضير لعقد هذا الملتقى الاول للوقف الجعفري في الكويت منذ مارس الماضي بجهود قيمة شاركت فيها الأمانة العامة للاوقاف بدعم من وزير الاوقاف عبدالله المعتوق وتوجيه من الأمين العام للأمانة الدكتور محمد عبدالغفار الشريف، وبمساندة من أجهزة الدولة المعنية ونخص بالذات وزارة الإعلام ووزارة الداخلية ووزارة المالية التي تحملت ميزانية هذا الملتقى فمن الواجب ان نعبر عن جزيل شكرنا وعميق تقديرنا لكل من ساهم في انجاح هذا الملتقى».
وفي جلسة العمل الأولى التي عقدت في المؤتمر صباح أمس قدم الشيخ حسن الصفار من السعودية ورقة عمل ودراسة ذكر فيها ان «الوقف الخيري يمثل احدى أهم الظواهر الانسانية النبيلة، التي تدل على عمق النوازع الخيّرة في نفس الإنسان، واهتمامه بمصالح الاجيال المقبلة، وحرصه على تكريس التوجهات التي يعتقد صلاحها، والوقف لغة هو: الحبس, واصطلاحاً: هو حبس العين وتسبيل منفعتها، أي منع العين من ان يتملكها أحد من الناس، وإباحة الانتفاع بها ضمن الجهة التي حددها الواقف».
وأضاف الصفار «مع وجود اوقاف لمختلف الاغراض الدينية والعلمية والإنسانية في المجتمعات الشيعية، إلا ان النسبة الغالبة من الاوقاف لدى الشيعة مخصصة لأهل البيت عليهم السلام، وخصوصا الإمام الحسين عليه السلام».
وشرح الصفار ان «دور أوقاف أهل البيت في المجتمع الشيعي يمتاز بميزة اضافية عما تقوم به سائر الأوقاف في المجتمعات الإسلامية، وتلك الميزة هي توفير الاستقلال للنشاط الديني والثقافي، حيث تعتمد الجهة الدينية في تمويلها على الأوقاف والخمس الشرعي، فالحوزات العلمية الدينية، وشؤون المرجعية والافتاء، واقامة الشعائر والمناسبات الدينية، ودور الخطباء والمبلغين، كل هذه المهام يجري تمويلها من وارد الأوقاف والخمس، وهو ما يمكنها من الاستمرارية والاستقلال المالي عن الجهات الرسمية، وإذا كانت أوقاف أهل البيت تشكل النسبة العظمى من مجمل الأوقاف في المجتمع الشيعي، وإذا كان الدور الذي أدته في الحقبة الماضية متناسباً مع ظروف تلك المرحلة، فإن دور هذه الاوقاف في الوقت الحاضر يجب ان يخضع لمراجعة وتقويم، ذلك ان مجتمعاتنا اليوم تواجه تحديات كبيرة تستوجب استنهاض كل الطاقات، واستنفار كل القدرات، لتحقيق مستوى من الاستجابة لتلك التحديات الخطيرة، ولعل من أهم تلك التحديات ما يلي، على مستوى الثقافة والمعرفة الدينية، تواجه أجيالنا الحاضرة اشكاليات كثيرة، فهي تعيش عصر الانفتاح على مختلف الثقافات، وتستقبل طوفاناً من المعلومات والمعارف، عبر أسرع وسائل التواصل، وأرقى أساليب الجذب والتأثير، بواسطة التقنيات المتطورة، وانطلاقاً من نتائج بحوث العلوم الإنسانية، بينما لا يزال غالب الخطاب الديني في مجتمعاتنا، ضمن سياقه التقليدي المتوارث من الأزمنة السابقة، غير متواكب مع تطورات العصر في مضامينه وأساليب عرضه».
وأضاف الصفار «ولعل من أهم أسباب ضعف الخطاب الديني وقصوره كونه نتاج حالات فردية، حيث تفتقر ساحتنا الى المؤسسات المعرفية التي تضع الخطط والمناهج والبرامج، والى مراكز الدراسات والبحوث، والى المعاهد التي تربي الخطباء والمبلغين، وتقيم الدورات للارتقاء بمستوياتهم، ومن ناحية الوسائل والأساليب فإن المنبر الحسيني بشكله المتعارف لا يكفي لإيصال صوت التوجيه والارشاد لشرائح المجتمع، في مقابل وسائل الإعلام والاتصالات المتطورة، كالفضائىات والشبكة العنكبوتية (الانترنت) التي هي أقدر على الاستقطاب والجذب، وتخاطب الانسان أينما كان على وجه الكرة الأرضية، فكيف نستطيع انتاج المعرفة الدينية المواكبة لتطورات العصر؟ وكيف نوفر الثقافة القادرة على الصمود امام التيارات الأخرى؟ وكيف نرتقي بوسائل وأساليب خطابنا وفعالياتنا وأنشطتنا الدينية لنستوعب أجيالنا الناشئة ونحتضنها في اطار قيمها وانتمائها الديني؟ على صعيد التنمية الاجتماعية، تعاني مجتمعاتنا ضعفاً كبيراً في واقعها الاقتصادي حيث تنتشر البطالة، وتزداد مساحة الفقر والحاجة، وتقل فرص التعليم العالي، مما ينتج الكثير من المشاكل والمضاعفات في الواقع الاجتماعي, ولابد من مواجهة ذلك بقيام المؤسسات الاقتصادية، وتشجيع روح الفاعلية والعمل، والارتقاء بمستوى التعليم، وتربية الكفاءات وتنمية المهارات، والمبادرات الى معالجة حالات الفقر والحاجة في المجتمع، في مجال العلاقة مع سائر المجتمعات والأمم، فإن على المجتمع الشيعي ان يواجه آثار الظروف التاريخية السابقة، التي دفعته في الكثير من مواقعه الى حالة من الانكفاء والانطواء، وضعف التواصل مع المجتمعات المحيطة، بسبب سياسات التمييز الطائفي، وانتشار التوجهات التعصبية المذهبية، وما أنتجت من ردود فعل داخل المجتمع الشيعي، كالميل للعزلة والانغلاق، وتداول ثقافة التعبئة ضد الآخر بدافع تحصين الذات من الهجمات المضادة، لقد تعرضت صورة المجتمع الشيعي بمعتقداته وتاريخه ومواقفه السياسية وأنماط سلوكه الى كثير من التشويه والتشويش».
من جانبه، وفي جلسة العمل ذاتها قدم قاضي زحلة اللبنانية الشيخ أسد الله الحرشي بحثاً لسماحة الشيخ أحمد قبلان المفتي الجعفري الممتاز في لبنان تناول فيها الأدوات المناسبة لتوجيه وتشجيع الأفراد والمؤسسات على الوقفية داعياً الى «الاعتماد على الوسائل المرئىة والمسموعة من تلفزيون واذاعة وانترنت ولوحات الاعلانات، وما شابهها في عملية تركيز للفكرة الوقفية وبمقدار يساهم في خلق الحافز التفعيلي في نفوس الآخرين، على أن هناك نماذج شديدة التأثير، منها تكوين مجموعة علاقات تعمل على خلق الحافز الديني والأخلاقي في نفوس الآخرين وتذكير الجماعة بما عليها من حقوق في عملية النجاح في «الاختيار البشري» في ميدان الله وأرضه، وهنا تكمن ضرورة مفادها الاستشهاد بنجاحات سابقة، سواء في مجال الموضوعات الوقفية، أو الإدارة الوقفية، أو التنويع الوقفي، بما يعنيه من اشباع حاجات تتلاءم والضرورات المتصلة بهذه الأمة، مع التركيز على الجدوى، والشفافية، ونظم حماية المال الوقفي، وطبيعة الرقابة والمحاسبة، وتطبيقاتها وانتاجاتها, اعتقد ان هذه من الضرورات البالغة الأهمية اليوم، كما ان جعل أيام محددة للاحتفالات الوقفية، وافتتاح المشاريع، وعرض النتائج على المستوى الوقفي تفوق أي تصور, وتشكل الداعم الأكبر لنظرية خلق الحوافز لدى الأفراد والمؤسسات في المجال الوقفي، ومع هذا وذاك، يجب ان يشعر كل واحد من أفراد المجتمع انه معني بصورة مباشرة أو غير مباشرة في هذه المشاريع»، فتأمين وظيفة رعائية مميزة للمسنين أو تأمين مشاريع وقفية ذات مفهوم انتاجي لزواج الشباب والشابات المسلمين ـ مع التأكيد بالخصوص على أهمية هذا المشروع ـ أو تأمين مشاريع وقفية لمنح التعليم، أو ضمان البطالة أو الشيخوخة أو المرض أو مؤسسات اجتماعية خيرية أو ما ما شبه ذلك، تعتبر من أهم عناوين الدفع النفسي لدى الأثرياء سواء كانوا أفراداً أم مؤسسات للتحول الى «واقفين».
وفي تعقيبه على الجلسة الأولى نقل النائب د, يوسف الزلزلة عن سمو رئىس مجلس الوزراء الشيخ صباح الأحمد فرحه الشديد بأن تكون الكويت أول بلد ينظم هذا المؤتمر الذي جمع هذه الطوائف، مؤكدا ان هذا المؤتمر يقوم به اتباع آل البيت في بلد فيه أغلبية سنية بعد أن وقع على هذه الطائفة في السبعينات والثمانينات من ظلم نتيجة افكار صدام والآن عادت الأمور لمجاريها وأصبحنا نعيش أجواء الحرية والديموقراطية في جو من الحب والمودة.
وأشار الزلزلة الى آلية التعامل مع هذه المؤسسة الوقفية ان هناك من وقف ضد الفكرة خشية ان تصبح هذه المؤسسة الوقفية تحت التأثير الحكومي، مؤكدا ان الكويت هي الدولة رقم واحد على مستوى دول العالم الإسلامي التي فتحت الأبواب على مصراعيها لجميع المذاهب الدينية.